ﻣﺨﺘﺼﺮ
ﺳﻴﺮﺓ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﻴﺦ
ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ " - ﺹ 5 - "
ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺳﻞ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺑﺎﻟﻬﺪﻯ ﻭﺩﻳﻦ ﺍﻟﺤﻖ ، ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ ، ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺗﺴﻠﻴﻤﺎ ﻛﺜﻴﺮﺍ .
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ :
ﻓﺈﻥ ﻣﻦ ﺣﻜﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺣﻤﺘﻪ ﺃﻥ ﺃﺭﺳﻞ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻟﺌﻼ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﺠﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﺳﻞ ، ﻭﺍﻗﺘﻀﺖ ﺣﻜﻤﺘﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﺃﻛﻤﻞ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﺨﻠﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﻠﻘﻴﺔ ، ﻛﻤﺎ ﺍﻗﺘﻀﺖ ﺣﻜﻤﺘﻪ ﺟﻞ ﺛﻨﺎﺅﻩ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻣﺤﻤﺪﺍ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ، ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻋﻈﻤﻬﻢ ﻛﻤﺎﻻ ﻭﺃﻭﻓﺎﻫﻢ ﺧﺼﺎﻻ . . .
ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻌﻞ ﻣﺤﻤﺪﺍ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺪﻭﺓ ﻭﺃﺳﻮﺓ ﻟﻠﺒﺸﺮﻳﺔ ﻓﻘﺪ ﻋﻨﻴﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﺑﺤﻔﻆ ﺳﻴﺮﺗﻪ ﺣﻔﻈﺎ ﻋﺠﻴﺒﺎ ﺷﻤﻞ ﻛﻞ ﺩﻗﺎﺋﻘﻬﺎ ﻭﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ ، ﻓﺤﻔﻈﺖ ﻟﻨﺎ ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻠﺘﻪ ﺑﺮﺑﻪ ﻭﻣﻨﺎﺟﺎﺗﻪ ﻟﻪ ، ﻭﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺄﺻﺤﺎﺑﻪ ﻭﺗﺮﺑﻴﺘﻪ ﻟﻬﻢ ، ﻭﻛﻴﻒ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﻭﻣﻌﺎﻳﺸﺘﻪ ﻷﻫﻠﻪ ، ﻭﻛﻴﻒ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﺩ ﺍﻟﺠﻴﻮﺵ ﻭﻳﺒﻌﺚ ﺍﻟﺒﻌﻮﺙ ﻭﺍﻟﺴﺮﺍﻳﺎ . . ﻓﺤﻔﻈﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺮﺓ ﺣﻔﻈﺎ ﻻ ﻳﺪﺍﻧﻴﻪ ﻭﻻ ﻳﻤﺎﺛﻠﻪ ﺣﻔﻆ ﺃﻱ ﺳﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﻟﻴﻦ ﻭﺍﻵﺧﺮﻳﻦ . .
ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ ﺑﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺮﺓ ﺍﻟﻌﻄﺮﺓ ، ﻭﺑﺜﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ؛ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﺃﻧﻤﻮﺫﺟﺎ ﻳﺤﺘﺬﻯ ، ﻭﻗﺪﻭﺓ ﻳﻘﺘﺪﻯ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﺎﺣﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .
ﻭﺑﻤﺎ ﺃﻥ ﻛﺘﺎﺏ ( ﻣﺨﺘﺼﺮ ﺳﻴﺮﺓ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ) ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪ ﻭﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺠﺪﺩ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺧﻴﺮ ﻣﺎ ﻛﺘﺐ " - ﺹ 6 - " ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ؛ ﻟﻤﺎ ﺍﺷﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺄﻣﻮﺭ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ، ﻭﺟﺰﺍﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ، ﻭﻭﺿﻮﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻣﻊ ﺇﻳﺠﺎﺯ ﻏﻴﺮ ﻣﺨﻞ ﺭﺃﺕ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﺃﻥ ﺗﻄﺒﻌﻪ ﻭﺗﻮﺯﻋﻪ .
ﻓﺎﻟﻠﻪ ﻧﺴﺄﻝ ﺃﻥ ﻳﺠﺰﻱ ﻋﻨﺎ ﺻﺎﺣﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺮﺓ ﺧﻴﺮ ﻣﺎ ﺟﺰﻯ ﺑﻪ ﻧﺒﻴﺎ ﻋﻦ ﺃﻣﺘﻪ ، ﻭﺃﻥ ﻳﺒﻠﻐﻨﺎ ﺷﻔﺎﻋﺘﻪ ، ﻭﺃﻥ ﻳﺤﺸﺮﻧﺎ ﺗﺤﺖ ﻟﻮﺍﺋﻪ ﺇﻧﻪ ﺟﻮﺍﺩ ﻛﺮﻳﻢ ﻭﺑﺎﻹﺟﺎﺑﺔ ﺟﺪﻳﺮ ﻭﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ .
" - ﺹ 7 - " ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻃﺒﻌﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻮﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ، ﺃﺭﺳﻞ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺑﺎﻟﻬﺪﻯ ﻭﺩﻳﻦ ﺍﻟﺤﻖ ﻟﻴﻈﻬﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻛﻠﻪ ، ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ ، ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍ ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ، ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ، ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺗﺒﻌﻮﻫﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ، ﻭﺳﻠﻢ ﺗﺴﻠﻴﻤﺎ .
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ : ﻓﺈﻥ ﻛﺘﺎﺏ ﻣﺨﺘﺼﺮ ﺳﻴﺮﺓ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺠﺪﺩ ﻭﺍﻟﻤﺼﻠﺢ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﺳﻜﻨﻪ ﻓﺴﻴﺢ ﺟﻨﺎﺗﻪ ﺁﻣﻴﻦ ﻟﻤﻦ ﺧﻴﺮ ﻣﺎ ﺃﻟﻒ ﻓﻲ ﺑﺎﺑﻪ ، ﻓﺈﻧﻪ ﻣﺨﺘﺼﺮ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺴﻴﺮﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻷﺑﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻫﺸﺎﻡ ﺍﻟﻤﻌﺎﻓﺮﻱ ﺍﻟﻤﺆﺭﺥ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ، ﻓﺈﻧﻪ ﻛﺘﺎﺏ ﻭﺟﻴﺰ ﻳﻌﺪ ﺧﻼﺻﺔ ﻟﺴﻴﺮﺓ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ، ﻭﻗﺪ ﺿﻤﻨﻪ ﺑﻌﺾ ﺍﻻﺳﺘﻨﺒﺎﻃﺎﺕ ﺍﻟﻤﻔﻴﺪﺓ ﻣﻊ ﻣﺎ ﺃﺿﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻴﻦ ﺑﻬﺎ ﻭﺍﻗﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﺍ ﻭﺳﻠﻮﻛﺎ ، ﻭﻣﺎ ﺃﺷﺪ ﺣﺎﺟﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻭﺿﺮﻭﺭﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻟﻤﺎ ﺗﺜﻤﺮﻩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻋﻨﺪ ﺃﻭﻟﻲ ﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮ ﻣﻦ ﺗﻮﻗﻲ ﺷﺮﻭﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺍﻻﻫﺘﺪﺍﺀ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺎﺳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﺛﺮ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ " ﻗﺎﻝ : ﺇﻧﻤﺎ ﺗﻨﻘﺾ ﻋﺮﻯ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﺮﻭﺓ ﻋﺮﻭﺓ ﺇﺫﺍ ﻧﺸﺄ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ " ﻛﻤﺎ ﺑﻴﻦ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ - ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻌﺚ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﻣﺤﻤﺪﺍ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﻟﺘﻠﻔﻆ ﺑﻼ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ، ﺑﻞ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻛﺎﻓﺮﺍ ﺣﻼﻝ ﺍﻟﺪﻡ ﻭﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﻫﻮ ﻳﻨﻄﻖ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ، " - ﺹ 8 - " ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﻣﺜﻠﺔ ﺗﻘﺮﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺻﻞ ﻣﻤﺎ ﺟﺮﻯ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻛﻘﺘﺎﻟﻬﻢ ﻟﺒﻨﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﻛﺘﺤﺮﻳﻘﻬﻢ ﻟﻠﻐﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ، ﻭﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﻙ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻛﻤﺎ ﺃﺟﻤﻊ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺤﺴﺎﻥ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﺠﻌﺪ ﺑﻦ ﺩﺭﻫﻢ ﻟﻤﺎ ﺟﺤﺪ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﺮﺏ ﻣﻊ ﺗﻠﻔﻈﻪ ﺑﺎﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻭﺍﺷﺘﻬﺎﺭﻩ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ، ﻭﻛﻤﺎ ﺃﺟﻤﻊ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺗﻜﻔﻴﺮ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪﻳﻴﻦ ﻟﻤﺎ ﻇﻬﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻛﻬﻢ ﻭﻧﻔﺎﻗﻬﻢ ﻣﻊ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻈﻬﺮﻭﻥ ﺷﺮﺍﺋﻊ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻳﻘﻴﻤﻮﻥ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ .
ﻭﻻ ﺭﻳﺐ ﺃﻥ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺩﺍﻋﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﻳﻀﺎﺡ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻤﻨﺘﺴﺒﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻨﻬﻢ ، ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻫﺘﻢ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺑﺘﻘﺮﻳﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺻﻞ ﻭﺇﻳﻀﺎﺣﻪ ، ﻭﻟﻴﺮﺩ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻪ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺯﻣﺎﻧﻪ .
ﻫﺬﺍ ﻭﻟﻘﺪ ﻋﺰﻣﺖ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻮﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻣﺆﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﻭﺟﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺍﻟﺨﻄﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺔ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻷﻓﻀﻞ ﻣﻨﻬﺎ ، ﻭﻗﺪ ﻋﻬﺪﺕ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺑﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻘﺪﻡ ﻟﻪ ، ﻭﻗﺪ ﻗﻤﻨﺎ ﺑﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﻣﻄﺒﻮﻋﺘﻴﻦ ﺑﻤﺨﻄﻮﻃﺘﻴﻦ : ﻣﻄﺒﻮﻋﺔ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺎﻣﺪ ﻓﻘﻲ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ، ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺃﻧﻪ ﺍﻋﺘﻤﺪ ﻓﻲ ﺇﺧﺮﺍﺟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻞ ﻗﻴﻢ ﻣﺤﻘﻖ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺳﺤﻤﺎﻥ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻭﻣﻄﺒﻮﻋﺔ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺴﻼﻡ - ﺩﻣﺸﻖ - ﺑﺈﺷﺮﺍﻑ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻣﺤﻤﺪ ﺯﻫﻴﺮ ﺍﻟﺸﺎﻭﻳﺶ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺘﺎﻥ ﻓﺈﺣﺪﺍﻫﻤﺎ ﺑﺨﻂ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺣﻤﺪﺍﻥ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ 16 ﻣﺤﺮﻡ ﻋﺎﻡ 1341 ﻩ ﻭﻫﻲ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺑﺎﻟﺮﻳﺎﺽ ﺗﺤﺖ ﺭﻗﻢ 86-518 ﻭﻋﺪﺩ " - ﺹ 9 - " ﺻﻔﺤﺎﺗﻬﺎ 101 ﺻﻔﺤﺔ ﻭﻓﻴﻬﺎ ﺳﻘﻂ ﻣﻦ ﺹ 83 ﺇﻟﻰ ﺹ 88 .
ﻭﺍﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺑﺎﻟﺮﻳﺎﺽ ﺗﺤﺖ ﺭﻗﻢ 86-49 ، ﻭﻋﺪﺩ ﺻﻔﺤﺎﺗﻬﺎ 226 ﺻﻔﺤﺔ ﻭﻗﺪ ﻛﺘﺐ ﻓﻲ ﺁﺧﺮﻫﺎ " ﻭﻗﻊ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺴﺨﺔ ﻋﺼﺮ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺜﻼﺛﺎﺀ 26 ﻣﻦ ﺷﻮﺍﻝ ﻋﺎﻡ 1235 ﻩ ﻭﻟﻢ ﻳﺴﻢ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻧﻔﺴﻪ .
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻼﺣﻆ ﺧﻠﻮ ﺍﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺒﻖ ﺍﻟﺘﻨﻮﻳﻪ ﺑﺬﻛﺮﻫﺎ ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ 33 ﺻﻔﺤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﺑﺤﺮﻑ ﺩﻗﻴﻖ ، ﻭﻓﻲ ﻣﻄﺒﻮﻋﺔ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺴﻼﻡ 45 ﺻﻔﺤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﻟﻜﻦ ﺑﺤﺮﻑ ﻛﺒﻴﺮ ، ﻛﻤﺎ ﻳﻼﺣﻆ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺘﻴﻦ ﻛﺜﻴﺮﺗﺎ ﺍﻟﺴﻘﻂ ﻭﺍﻟﺘﺤﺮﻳﻒ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺃﺳﻠﻢ ﺑﺨﻼﻑ ﺍﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺘﻴﻦ ﻓﺈﻧﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﺳﻠﻴﻤﺘﺎﻥ ﻣﻊ ﺍﺷﺘﻤﺎﻟﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﻭﻣﻊ ﻣﺎ ﺑﺬﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺪ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﻤﺎ .
ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﻓﻲ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺎﻣﺪ ﻓﻘﻲ ، ﻷﻧﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻷﺻﻞ ، ﻭﻷﻧﻪ ﺍﻋﺘﻤﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﻄﻮﻃﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺳﺤﻤﺎﻥ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻜﺘﺐ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﻭﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ، ﻭﻗﻤﻨﺎ ﺃﻳﻀﺎ ﺑﺘﺮﻗﻴﻢ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻮﺍﻣﺶ ﻭﺗﺴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺗﺮﻗﻴﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ، ﻛﻤﺎ ﺧﺮﺟﻨﺎ ﻣﺎ ﺗﻴﺴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻘﺎﺕ ، ﻭﺭﺃﻳﻨﺎ ﺃﻥ ﺗﺒﻘﻰ ﺗﻌﻠﻴﻘﺎﺕ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺎﻣﺪ ﻓﻘﻲ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﻭﺟﻌﻠﻨﺎ ﺍﻟﺮﻗﻢ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﻗﻮﺳﻴﻦ ﻫﻜﺬﺍ ( ) .
" - ﺹ 10 - " ﻭﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻨﻔﻌﻨﺎ ﻭﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﻣﺆﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ ﻭﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﻭﺳﻠﻢ .
ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ ﺍﻟﺒﺮﺍﻙ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺍﺟﺤﻲ
ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻌﻠﻲ ﺍﻟﺒﺮﺍﻙ
" - ﺹ 11 - " ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ .
ﺍﻋﻠﻢ ﺭﺣﻤﻚ ﺍﻟﻠﻪ : ﺃﻥ ﺃﻓﺮﺽ ﻣﺎ ﻓﺮﺽ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻚ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺩﻳﻨﻚ . ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ ﺳﺒﺐ ﻟﺪﺧﻮﻝ ﺍﻟﺠﻨﺔ ، ﻭﺍﻟﺠﻬﻞ ﺑﻪ ﻭﺇﺿﺎﻋﺘﻪ ﺳﺒﺐ ﻟﺪﺧﻮﻝ ﺍﻟﻨﺎﺭ .