ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﻝ : " ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻓﺮﻉ ﻋﻦ ﺗﺼﻮﺭﻩ " ، ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻧﻨﻲ ﻻ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺃﺣﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﺗﺼّﻮﺭﻩ ﺃﻭ ﺃﻓﻬﻤﻪ؛ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﻼ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻌﺮﻓﻬﻢ، ﻭﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻺﺩﻻﺀ ﺑﺎﻟﺮﺃﻱ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺐ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴُّﻨَّﺔ ﻭﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﺩﻭﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻛُﻞٍّ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻓﻴﻦ، ﻭﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻘﺒﻮﻝ ﺃﻭ ﺭﻓﺾ ﻓﺘﺢ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻌﺮﻑ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻷﻣﺮ، ﻭﺩﺭﺟﺔ ﺧﻄﻮﺭﺗﻪ، ﻭﺃﻭﻟﻮﻳﺘﻪ، ﻭﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻟﻤﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺮ ﺑﻬﺎ ﺍﻷﻣﺔ .
ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ﺷﺪﻳﺪ ﺃﻧﻨﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻧﺘﻄﻮﻉ ﺑﺎﻧﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﻤﻴﻦ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺪﺍﻓﻌﻴﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻻ ﺑُﺪَّ ﺃﻥ ﻧﻔﻬﻢ ﺃﻭﻻً ﻣﻦ ﻫﻢ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ؟ ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺟﺬﻭﺭﻫﻢ؟ ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺨﻠﻔﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﻟﻬﻢ؟ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺗﺎﺭﻳﺨﻬﻢ؟ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﻭﺍﻗﻌﻬﻢ؟ ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﻢ ﻭﺃﺣﻼﻣﻬﻢ؟ ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧُﺪﻟِﻲ ﺑﺮﺃﻳﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﺼﻴﺮﺓ . ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻏﻴَّﺮﻭﺍ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﻣﻦ ﺁﺭﺍﺋﻬﻢ، ﻭﺗﻨﺎﺯﻟﻮﺍ ﻋﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﻓﻜﺎﺭﻫﻢ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻭَﺻَﻠﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ، ﻭﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﻮﺍﺿﺤﺔ .
ﻣﻦ ﻫﻢ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ
ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻗﻀﻴﺔ ﻗﻮﻡ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﻟﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ، ﺇﻧﻤﺎ ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺟﺬﻭﺭٌ ﻋﻘﺎﺋﺪﻳﺔ ﻭﻓﻘﻬﻴﺔ ﻭﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻻ ﺑُﺪَّ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻴﻬﺎ ..
ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻴﻦ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﺸﻴﻌﺔ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﺘﻬﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺸﻴﻌﻮﺍ ﻟﻌﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻓﻲ ﺧﻼﻓﻪ ﻣﻊ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﺗﺒﺎﻉ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻫﻢ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ، ﻭﺃﺗﺒﺎﻉ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﻫﻢ ﺍﻟﺴُّﻨَّﺔ . ﻭﻫﺬﺍ ﻟﻢ ﻳﻘﺒﻞ ﺑﻪ ﺃﺣﺪ، ﻓﺎﻟﺴُّﻨَّﺔ ﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﺍﺭ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻴﻴْﻦ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﻴْﻦ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﻠﻲ ، ﻭﺃﻥ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺍﺟﺘﻬﺪ ﻭﻟﻢ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ، ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﺎﻧﺤﻴﺎﺯ ﻓﻜﺮ ﺍﻟﺴُّﻨﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻭﺍﺿﺢ . ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﻭﻣﺒﺎﺩﺉ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺃﺑﺪًﺍ؛ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﻼ ﻳﺼﺢ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ : ﺇﻥ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺰﻣﻦ .
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ : ﺇﻥ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻌﺪ ﺍﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ . ﻭﻫﺬﺍ ﺭﺃﻱ ﻭﺟﻴﻪ ﺟﺪًّﺍ؛ ﻓﻘﺪ ﺧﺮﺝ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻓﺔ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ، ﻭﺍﺗﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺩﻋﺎﻩ ﻓﺮﻳﻖ ﻣﻦ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﻭﻭﻋﺪﻭﻩ ﺑﺎﻟﻨﺼﺮﺓ، ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﺗﺨﻠَّﻮْﺍ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﺃﻥ ﺍﺳﺘُﺸﻬﺪ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﻓﻲ ﻛﺮﺑﻼﺀ، ﻓﻨﺪﻣﺖ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺎﺳﺘﺪﻋﺎﺋﻪ، ﻭﻗﺮﺭﻭﺍ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻋﻦ ﺫﻧﻮﺑﻬﻢ ﺑﺎﻟﺨﺮﻭﺝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻷﻣﻮﻳﺔ، ﻭﺣﺪﺙ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ، ﻭﻗُﺘﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﺪﺩٌ، ﻭﻋُﺮﻑ ﻫﺆﻻﺀ ﺑﺎﻟﺸﻴﻌﺔ . ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻔﺴِّﺮ ﻟﻨﺎ ﺷﺪﺓ ﺍﺭﺗﺒﺎﻁ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﺑﺎﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ - ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻧﻔﺴﻪ، ﻭﻫﻢ - ﻛﻤﺎ ﻧﺸﺎﻫﺪ ﺟﻤﻴﻌًﺎ - ﻳﺤﺘﻔﻠﻮﻥ ﺑﺬﻛﺮﻯ ﺍﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻭﻻ ﻳﺤﺘﻔﻠﻮﻥ ﺑﺬﻛﺮﻯ ﺍﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ .
ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﻨﺸﺄﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔِﺮﻗﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻌﻨﻲ ﺇﻻ ﻧﺸﻮﺀ ﻓﺮﻗﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﻌﺘﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻷﻣﻮﻱ، ﻭﺗﻨﺎﺻﺮ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻬﺎ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﻋﻘﺎﺋﺪﻳﺔ ﺃﻭ ﻣﺬﺍﻫﺐ ﻓﻘﻬﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴُّﻨَّﺔ، ﺑﻞ ﺇﻧﻨﺎ ﺳﻨﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ﺍﻷﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺰﻋﻢ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﺃﻧﻬﻢ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻟﺸﻴﻌﻴَّﺔ ﺍﻷﻭﺍﺋﻞ ﻣﺎ ﻫﻢ ﺇﻻ ﺭﺟﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺴُّﻨَّﺔ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﺑﻜﻞ ﻋﻘﺎﺋﺪ ﻭﻣﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺴُّﻨﺔ .
ﺍﺳﺘﻘﺮﺕ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﻧﺴﺒﻴًّﺎ ﺑﻌﺪ ﺷﻬﻮﺭ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ، ﻭﻇﻬﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻋﻠﻲ ﺯﻳﻦ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺧِﻴﺎﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺰﻫَّﺎﺩ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳُﺆﺛَﺮ ﻋﻨﻪ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ - ﺃﻱُّ ﻣﺨﺎﻟﻔﺎﺕ ﻋﻘﺎﺋﺪﻳﺔ ﺃﻭ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻮﻥ ..
ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻲ ﺯﻳﻦ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ ﺭﺟﻼﻥ ﻋﻈﻴﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺭﻉ ﻭﺍﻟﺘﻘﻮﻯ، ﻫﻤﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺒﺎﻗﺮ ﻭﺯﻳﺪ .. ﻭﻛﺎﻧﺎ ﻳﺘﻮﺍﻓﻘﺎﻥ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴُّﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ - ﻛﺎﻥ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻓﻲ ﺃﻧﻪ ﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻛﺎﻥ ﺃﻭﻟﻰ ﺑﺎﻟﺨﻼﻓﺔ ﻣﻦ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ، ﻭﻫﻮ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﺑﺬﻟﻚ ﺇﺟﻤﺎﻉ ﺍﻷﻣﺔ، ﻭﻳﺨﺎﻟﻒ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺭﻓﻌﺖ ﻗﺪﺭ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻭﻋﻤﺮ ﻭﻋﺜﻤﺎﻥ ﻓﻮﻕ ﻋﻠﻲٍّ ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻟﻴﺲ ﺍﺧﺘﻼﻓًﺎ ﻋﻘﺎﺋﺪﻳًّﺎ؛ ﻓﻬﻮ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻟﻠﺨﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻷُﻭَﻝ، ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺮﻯ ﻋﻠﻴًّﺎ ﺃﻓﻀﻞ . ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﺠﻮﺍﺯ ﺇﻣﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﻔﻀﻮﻝ، ﻭﻫﻮ ﺑﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﻨﻜﺮ ﺇﻣﺎﻣﺔ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻭﻋﻤﺮ ﻭﻋﺜﻤﺎﻥ ، ﺃﻣﺎ ﻏﻴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﻓﻬﻮ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴُّﻨﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﻘﺎﺋﺪﻫﻢ ﻭﻣﺒﺎﺩﺋﻬﻢ ﻭﻓﻘﻬﻬﻢ .
ﻭﻟﻘﺪ ﻗﺎﻡ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﺎﻟﺨﺮﻭﺝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﺍﻷﻣﻮﻳﺔ ﻣﻜﺮِّﺭًﺍ ﺗﺠﺮِﺑﺔ ﺟَﺪِّﻩ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﻭﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺯﻣﺎﻥ ﻫﺸﺎﻡ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻠﻚ، ﻭﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﻘﺘﻠﻪ ﺳﻨﺔ 122 ﻫـ، ﻭﻗﺎﻡ ﺃﺗﺒﺎﻋﻪ ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ ﻣﺬﻫﺐ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻜﺎﺭﻩ ﻋُﺮﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺑﺎﻟﺰﻳﺪﻳَّﺔ ﻧﺴﺒﺔ ﺇﻟﻴﻪ ( ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ) ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺤﺴﻮﺑًﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﺴُّﻨَّﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺗﻔﻀﻴﻞ ﻋﻠﻲٍّ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻷﻭﺍﺋﻞ، ﻭﺃﺗﺒﺎﻉ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﻣﻨﺘﺸﺮﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻤﻦ، ﻭﻫﻢ ﺃﻗﺮﺏ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻟﻠﺴُّﻨَّﺔ، ﻭﺗﻜﺎﺩ ﻻ ﺗﻔﺮِّﻗﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ .
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺃﺗﺒﺎﻉ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺳﺄﻟﻮﻩ ﻋﻦ ﺭﺃﻳﻪ ﻓﻲ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻭﻋﻤﺮ، ﻓﺘﺮﺣَّﻢ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ، ﻓﺮﻓﻀﻪ ﻫﺆﻻﺀ ﻭﺭﻓﻀﻮﺍ ﺍﻟﺘﺮﺣُّﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻭﻋﻤﺮ، ﻭﺍﻧﺸﻘُّﻮﺍ ﻋﻦ ﻓﺮﻗﺘﻪ، ﻭﻫﺆﻻﺀ ﻋُﺮﻓﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺑﺎﻟﺮﺍﻓﻀﺔ؛ ﻷﻧﻬﻢ ﺭﻓﻀﻮﺍ ﺇﻣﺎﻣﺔ ﺍﻟﺸﻴﺨﻴﻦ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻭﻋﻤﺮ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ، ﻭﺭﻓﻀﻮﺍ ﺭﺃﻱ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ، ﻭﻫﺆﻻﺀ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺆﺳِّﺲ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻣﺬﻫﺐ " ﺍﻻﺛﻨﺎ ﻋﺸﺮﻳﺔ " ﺃﻛﺒﺮ ﻣﺬﺍﻫﺐ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ .
ﻭﻟﻘﺪ ﻣﺎﺕ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺒﺎﻗﺮ ﺃﺧﻮ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻗﺒﻞ ﺃﺧﻴﻪ ﺑﺜﻤﺎﻧﻲ ﺳﻨﻮﺍﺕ ( ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 114 ﻫـ ) ، ﻭﺗﺮﻙ ﺍﺑﻨًﺎ ﻋﺎﻟﻤًﺎ ﺟﻠﻴﻼً ﻫﻮ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ، ﻭﻫﻮ ﺃﻳﻀًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﻓﺬﺍﺫ، ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻘﻴﻬًﺎ ﺑﺎﺭﻋًﺎ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻜﻞ ﻋﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻭﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ .
ﻭﻓﻲ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﺍﻷﻣﻮﻳﺔ ﻗﺎﻣﺖ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ ﺑﻨﺸﺎﻁ ﻟﺘﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻼﻧﻘﻼﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﺍﻷﻣﻮﻳﺔ، ﻭﺗﻌﺎﻭﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻧﺸﻘﺖ ﻋﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲٍّ، ﻭﺗﻢ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﺍﻷﻣﻮﻳﺔ ﺳﻨﺔ 132 ﻫـ، ﻭﻗﺎﻣﺖ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺍﻟﺴﻔَّﺎﺡ ﺛﻢ ﺃﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺭ، ﻭﺷﻌﺮ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻭﻧﻮﻥ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﺨﻴﺒﺔ ﺃﻣﻞ؛ ﺇﺫ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺰﻋﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺃﺣﻔﺎﺩ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ . ﻭﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻗﺎﻡ ﻫﺆﻻﺀ ﺑﺎﻻﻧﻘﻼﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ ﻣﻜﻮِّﻧﻴﻦ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻋُﺮﻓﺖ ﺑﺎﻟﻄﺎﻟﺒﻴﻴﻦ ( ﻧﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ) ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﻴﻦ ﺍﻟﻤﻨﺴﻮﺑﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ .
ﻭﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺨﺎﻟﻔﺎﺕ ﻋﻘﺎﺋﺪﻳﺔ ﻭﻓﻘﻬﻴﺔ، ﺍﻟﻠﻬُﻢَّ ﺇﻻَّ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻭﻋﻤﺮ؛ ﻷﻥَّ ﻓﺮﻳﻘًﺎ ﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ - ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻧﺸﻘﻮﺍ ﻋﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ - ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺮﻓﻀﻮﻧﻬﻤﺎ، ﺑﻞ ﻻ ﻳﺨﻔﻮﻥ ﻟﻌﻨﻬﻤﺎ !
ﺗﻮﻓِّﻲ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺳﻨﺔ 148 ﻫـ، ﻭﺗﺮﻙ ﺍﺑﻨًﺎ ﺍﺳﻤﻪ ﻣﻮﺳﻰ ﺍﻟﻜﺎﻇﻢ، ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻋﺎﻟﻤًﺎ ﺃﻳﻀًﺎ، ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺃﺑﻴﻪ، ﻭﺗﻮﻓِّﻲ ﺃﻳﻀًﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 183 ﻫـ، ﺗﺎﺭﻛًﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻻﺩ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﺍﻟﺮﺿﺎ .
ﻭﻟﻘﺪ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﺍﻟﻤﺄﻣﻮﻥ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻮﻋﺐ ﻓﺘﻨﺔ ﺍﻟﻄﺎﻟﺒﻴﻴﻦ، ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻄﺎﻟﺒﻮﻥ ﺑﺎﻟﺤﻜﻢ ﻟﻔﺮﻉ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ، ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ؛ ﻓﻮﻟَّﻰ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﻭﻻﻳﺔ ﺍﻟﻌﻬﺪ، ﻭﺃﺛﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺟﺪﻻً ﻭﺍﺳﻌًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﻴﻦ، ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﻣﺎﺕ ﻓﺠﺄﺓً ﺳﻨﺔ 203 ﻫـ، ﻓﺎﺗَّﻬَﻢ ﺍﻟﻄﺎﻟﺒﻴﻮﻥ ﺍﻟﻤﺄﻣﻮﻥ ﺑﻘﺘﻠﻪ، ﻭﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺗﻮﺍﻟﺖ ﺛﻮﺭﺍﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﻴﻦ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﻮﻳﻴﻦ .
ﻣﺮﺕ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ، ﻭﻫﺪﺃﺕ ﺟﺬﻭﺭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﻧﺴﺒﻴًّﺎ، ﻭﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺬﻫﺐٌ ﺩﻳﻨﻲ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻳُﻌﺮَﻑ ﺑﻤﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ، ﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻜﻢ، ﻭﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﻷﺳﺒﺎﺏٍ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﺍﻵﻥ .
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻼﻓﺖ ﻟﻠﻨﻈﺮ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻋﻮﺍﺕ ﺍﻻﻧﺸﻘﺎﻗﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻭﺟﺪﺕ ﻟﻬﺎ ﺻﺪًﻯ ﻭﺍﺳﻌًﺎ ﺟﺪًّﺍ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻓﺎﺭﺱ ( ﺇﻳﺮﺍﻥ ﺣﺎﻟﻴًﺎ ) ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺳﻜﺎﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺍﺭ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﺤﺴﺮﺓ ﻟﺬﻫﺎﺏ ﻣُﻠﻚ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻴﺔ ﺍﻟﻀﺨﻤﺔ، ﻭﺍﻧﺼﻬﺎﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﻋﻠﻰ ﻧﺴﺒًﺎ، ﻭﺃﻓﻀﻞ ﻋﺮﻗًﺎ، ﻭﺃﻋﻤﻖ ﺗﺎﺭﻳﺨًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻇﻬﺮ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﺴﻤَّﻰ ﺑﺎﻟﺸﻌﻮﺑﻴَّﺔ، ﻭﻫﻲ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ﻟﺸﻌﺐ ﻣﻌﻴَّﻦ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻺﺳﻼﻡ، ﻭﺃﻇﻬﺮ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺣﺒًّﺎ ﺟﺎﺭﻓًﺎ ﻟﺠﺬﻭﺭﻩ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻴﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ، ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﺒﺪﻭﻥ .
ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﺆﻻﺀ ﻻ ﻃﺎﻗﺔ ﻟﻬﻢ ﺑﻤﻔﺮﺩﻫﻢ ﻟﻠﺨﺮﻭﺝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﺴﻠﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺍﺭ ﻋِﺪَّﺓ ﻋﻘﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ، ﻓﻘﺪ ﻭﺟﺪﻭﺍ ﻓﻲ ﺛﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻄﺎﻟﺒﻴﻴﻦ ﺣﻼًّ ﺑﺪﻳﻼً؛ ﻓﻬﻢ ﺳﻴﻨﻀﻤﻮﻥ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻟﻴﺴﻘﻄﻮﺍ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺳﻘﻄﺖ ﺩﻭﻟﺘﻬﻢ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ، ﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻟﻦ ﻳﺘﺮﻛﻮﺍ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻋﺘﻨﻘﻮﻩ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻃﻮﻳﻠﺔ، ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﺳﻴﺤﺮِّﻓﻮﻧﻪ ﺑﻤﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﺗﺮﺍﺙ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻴﺔ، ﻭﺳﻴﻄﻌِّﻤﻮﻧﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﻀﻤﻦ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺔ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻤﻀﻄﺮﺏ ﻓﻲ ﺍﻷُﻣَّﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﻭﻫﻢ ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻗﻤﺔ ﺍﻟﻬﺮﻡ، ﺑﻞ ﺳﻴﺄﺗﻮﻥ ﺑﺎﻟﻄﺎﻟﺒﻴﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺘﻤﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ، ﻭﻫﻢ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺁﻝ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻨﺒﻲ ، ﻭﻟﻬﻢ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻣِﻦ ﺛَﻢ ﺳﻴُﻜﺘﺐ ﻟﻤﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ .
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺍﺗﺤﺪﺕ ﺟﻬﻮﺩ ﺍﻟﺸﻌﻮﺑﻴﻴﻦ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻴﻴﻦ ﻣﻊ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺎﻟﺒﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ، ﻟﺘﻜﻮِّﻥ ﻛﻴﺎﻧًﺎ ﺟﺪﻳﺪًﺍ ﺑﺪﺃ ﻳﺘﺒﻠﻮﺭ ﻛﻜﻴﺎﻥ ﻣﺴﺘﻘﻞ، ﻟﻴﺲ ﺳﻴﺎﺳﻴًّﺎ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﺩﻳﻨﻴًّﺎ ﺃﻳﻀًﺎ .
ﻭﻋﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﻟﻄﺎﻟﺒﻴﻴﻦ ﻧﺠﺪ ﺃﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺧﺘﺎﺭﻩ ﺍﻟﻤﺄﻣﻮﻥ ﻭﻟﻴًّﺎ ﻟﻠﻌﻬﺪ، ﻇﻬﺮ ﺍﺑﻨﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺠﻮﺍﺩ ﺛﻢ ﺗﻮﻓِّﻲ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 220 ﻫـ، ﻟﻴﻈﻬﺮ ﺍﺑﻨﻪ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻮﻓﻲ ﺳﻨﺔ 254 ﻫـ، ﻟﻴﻈﻬﺮ ﺃﺧﻴﺮًﺍ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤﻠﻘَّﺐ ﺑﺎﻟﻌﺴﻜﺮﻱ، ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻮﻓﻲ ﻓﺠﺄﺓً ﺳﻨﺔ 260 ﻫـ، ﻭﻟﻢ ﻳﺘﺮﻙ ﺇﻻ ﺍﺑﻨًﺎ ﺻﻐﻴﺮًﺍ ﻋﻤﺮﻩ 5 ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺍﺳﻤﻪ ﻣﺤﻤﺪ .
ﻓﻲ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﻛﺎﺕ ﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻟﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻀﻢُّ ﻃﺮﻓًﺎ ﻣﻦ ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﻃﺮﻓًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﻮﺑﻴﻴﻦ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻴﻴﻦ، ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﻄﻮﻥ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻟﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺑﻦ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻟﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪٍ ﻣﻦ ﻗﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻄﺎﻟﺒﻴﻴﻦ، ﺑﺪﺀًﺍ ﻣﻦ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﻭﺍﻧﺘﻬﺎﺀً ﺑﺎﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ . ﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﺳﺒﻖ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﻣﺜﻞ ﺃﺑﻴﻪ ﻣﻮﺳﻰ ﺍﻟﻜﺎﻇﻢ، ﺃﻭ ﺟَﺪِّﻩ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ، ﺃﻭ ﺃﺑﻲ ﺟَﺪِّﻩ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺒﺎﻗﺮ ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻬﻢ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺛﻮﺭﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻷﻣﻮﻱ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻲ .
ﻭﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪ ﻭﻓﺎﺓ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺳﻨﺔ 260 ﻫـ ﻭﻗﻊ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﻮﻥ ﻓﻲ ﺣَﻴْﺮﺓ ﻛﺒﻴﺮﺓ، ﻓﻤَﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻮﻟﻰ ﺃﻣﺮﻫﻢ، ﻭﻗﺪ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻃﻔﻼً ﺻﻐﻴﺮًﺍ، ﺛﻢ ﺯﺍﺩ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﺿﻄﺮﺍﺑًﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﻓِّﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﻫﻮ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﺠﺄﺓ؛ ﻟﺘﻨﻘﺴﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﻓﺮﻕٍ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺟﺪًّﺍ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﻭﺍﻷﻓﻜﺎﺭ، ﺑﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻊ ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪﺍﺕ .
ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺷﻬﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺍﻟﺘﻲ ﻇﻬﺮﺕ " ﺍﻻﺛﻨﺎ ﻋﺸﺮﻳﺔ " ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﺍﻵﻥ ﻓﻲ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﻟﺒﻨﺎﻥ، ﻭﻫﻲ ﺃﻛﺒﺮ ﻓﺮﻕ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻓﻲ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ .
ﻭﺑﺪﺃ ﻗﺎﺩﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﻳﻀﻴﻔﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﺳﺐ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻌﺮﺿﻮﻥ ﻟﻪ ﺍﻵﻥ، ﻭﻣﺎ ﻳﻀﻤﻦ ﻟﻔﺮﻗﺘﻬﻢ ﺃﻥ ﺗُﻜﻤِﻞ ﺍﻟﻤﺸﻮﺍﺭ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻏﻴﺎﺏ ﻗﺎﺋﺪ ﻟﻬﻢ ..
ﻟﻘﺪ ﺃﺿﺎﻓﻮﺍ ﻋﺪَّﺓ ﺑﺪﻉٍ ﺧﻄﻴﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ، ﻭﺯﻋﻤﻮﺍ ﺃﻧﻬﺎ ﺟﺰﺀ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺃ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﺪﻉ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺟﺰﺀًﺍ ﻣﻦ ﻋﻘﻴﺪﺗﻬﻢ ﻭﺗﻜﻮﻳﻨﻬﻢ؛ ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﺪﻉ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺧﺎﺹ ﺑﺎﻹﻣﺎﻣﺔ، ﻓﺄﺭﺍﺩﻭﺍ ﺃﻥ ﻳﺤﻠﻮﺍ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺇﻣﺎﻡ ﺍﻵﻥ؛ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ : ﺇﻥ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﺛﻨﺎ ﻋﺸﺮ ﻓﻘﻂ ! ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ : ﺇﻥ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻫﻢ ﺑﺎﻟﺘﺮﺗﻴﺐ ﻛﻤﺎ ﻳﻠﻲ : -1 ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ . -2 ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ . -3 ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ . -4 ﻋﻠﻲ ﺯﻳﻦ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ . -5 ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺒﺎﻗﺮ ﺑﻦ ﺯﻳﻦ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ . -6 ﺟﻌﻔﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺒﺎﻗﺮ . -7 ﻣﻮﺳﻰ ﺍﻟﻜﺎﻇﻢ . -8 ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺮﺿﺎ . -9 ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺠﻮﺍﺩ . -10 ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ . -11 ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ . -12 ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ .
ﺍﻟﺨﻮﻣﻴﻨﻲ ﺯﻋﻴﻢ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻹﻳﺮﺍﻧﻴﺔﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻋُﺮﻓﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺍﺛﻨﺎ ﻋﺸﺮﻳﺔ، ﻭﻟﻜﻲ ﻳﻔﺴﺮﻭﺍ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎ ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﺇﻥ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻟﻢ ﻳﻤُﺖْ، ﺑﻞ ﺩﺧﻞ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺴﺮﺍﺩﻳﺐ ﺑﺠﺒﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ، ﻭﺃﻧﻪ ﻳﻌﻴﺶ ﺣﺘﻰ ﺍﻵﻥ ( ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ ﺣﺘﻰ ﺍﻵﻥ ) ، ﻭﺃﻧﻪ ﺳﻴﻌﻮﺩ ﻓﻲ ﻳﻮﻡٍ ﻣﺎ ﻟﻴﺤﻜﻢ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﻫﻮ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱّ ﺍﻟﻤﻨﺘﻈﺮ، ﻭﺯﻋﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻗﺪ ﺃﻭﺻﻰ ﺑﺄﺳﻤﺎﺀ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻻﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ، ﻭﻟﻜﻦَّ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻛﺘﻤﻮﺍ ﺫﻟﻚ، ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻓﻬُﻢْ ﻳﻜﻔِّﺮﻭﻥ ﻋﺎﻣَّﺔ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ، ﻭﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﻔﺴِّﻘﻬﻢ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ؛ ﻷﻧﻬﻢ ﻛﺘﻤﻮﺍ ﺃﻣﺮ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻫﺆﻻﺀ . ﺛﻢ ﺃﺩﺧﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻴﺔ ﻧﻈﺎﻡ ﺣﺘﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﻴﺮﺍﺙ ﻓﻲ ﺍﻷﺋﻤﺔ، ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ : ﺇﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻻ ﺑُﺪَّ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻﺑﻦ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﺑﺪﺀًﺍ ﻣﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻭﻣﺮﻭﺭًﺍ ﺑﻜﻞ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ . ﻭﻫﺬﺍ - ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ - ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﺑﺪًﺍ، ﻭﺣﺘﻰ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﺴُّﻨِّﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺪﺙ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻮﺍﺭﺙ ﻛﺎﻟﺨﻼﻓﺔ ﺍﻷﻣﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻠﺠﻮﻗﻴﺔ ﻭﺍﻷﻳﻮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﻟﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮﺍ ﺑﺄﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺍﺭﺙ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﺃﻭ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺑُﺪَّ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻣﻌﻴَّﻨﺔ . ﻭﺃﺩﺧﻠﻮﺍ ﺃﻳﻀًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻴﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺲ ﻟﻠﻌﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﺤﺎﻛﻤﺔ، ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﺑﻌﺼﻤﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ، ﻭﺃﻥ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﻳﻦ ﻣﻌﺼﻮﻣﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻄﺄ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﺄﺧﺬ ﻛﻼﻣﻬﻢ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ، ﺑﻞ ﺇﻥَّ ﻣﻌﻈﻢ ﻗﻮﺍﻋﺪﻫﻢ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﻵﻥ ﻣﺴﺘﻤﺪﺓ ﻣﻦ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻷﺋﻤﺔ، ﺳﻮﺍﺀٌ ﻗﺎﻟﻮﻫﺎ ﺃﻭ ﻧُﺴﺒﺖ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺯﻭﺭًﺍ . ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺨﻮﻣﻴﻨﻲ ﺯﻋﻴﻢ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻹﻳﺮﺍﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ : ..." ﻭﺇﻥ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺭﻳﺎﺕ ﻣﺬﻫﺒﻨﺎ ﺃﻥ ﻷﺋﻤﺘﻨﺎ ﻣﻘﺎﻣًﺎ ﻻ ﻳﺒﻠﻐﻪ ﻣﻠﻚٌ ﻣﻘﺮَّﺏ، ﻭﻻ ﻧﺒﻲ ﻣﺮﺳﻞ[ 1 ] !!" ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺪﺍﻭﺗﻬﻢ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻟﻠﺼﺤﺎﺑﺔ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ( ﺇﻻ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﺸﺮ ) ، ﻭﺗﺸﻤﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺪﺍﻭﺓ ﺑﻌﻀًﺎ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﻋﻢ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ، ﻭﺍﺑﻨﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺣَﺒْﺮ ﺍﻷﻣَّﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ . ﻭﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﻌﻦ ﻭﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻟﻬﻤﺎ؛ ﻟﺨﻼﻑ ﺍﻻﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮﻳﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ .
ﻭﻛﺎﻥ ﺃﻳﻀًﺎ ﻣﻦ ﺑﺪﻋﻬﻢ ﺃﻧﻬﻢ ﺣﻜﻤﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻷﻣﺼﺎﺭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺩﺍﺭ ﻛﻔﺮ، ﺣﻴﺚ ﻛﻔَّﺮﻭﺍ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﻣﻜﺔ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﺸﺎﻡ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺃﻫﻞ ﻣﺼﺮ، ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻧﺴﺒﻮﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻓﻬﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺟﺰﺀًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﻣﺮﺍﺟﻌﻬﻢ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ، ﻣﺜﻞ ﻛُﺘُﺐ ﺍﻟﻜﺎﻓﻲ ﻭﺑﺤﺎﺭ ﺍﻷﻧﻮﺍﺭ ﻭﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻘﻤﻲ ﻭﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻌﻴﺎﺷﻲ ﻭﺍﻟﺒﺮﻫﺎﻥ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﺮﺍﺟﻊ .
ﻭﺑﺎﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻓﻬﻢ ﻻ ﻳﻘﺒﻠﻮﻥ ﻛﻞ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴُّﻨَّﺔ، ﻭﻳﺮﻓﻀﻮﻥ ﻛﻞ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺼِّﺤﺎﺡ ﻭﺍﻟﺴُّﻨﺔ؛ ﻓﻼ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻻ ﻣﺴﻠﻢ ﻭﻻ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﻻ ﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﻻ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﺃﻭ ﻣﺎﻟﻚ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺃﻭ ﺍﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ، ﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﻭﻻ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻭﻗﺎﺹ ﻭﻻ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻭﻻ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻧﺼﻴﺮ، ﻭﻻ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﻭﻻ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻻ ﻗﻄﺰ ﻭﻻ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻔﺎﺗﺢ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ..
ﻭﻧﺘﻴﺠﺔ ﻧَﺒْﺬﻫﻢ ﻟﻠﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﻟﻠﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻭﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ، ﻓﺈﻧﻬﻢ ﺍﻋﺘﻤﺪﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﻤﻨﺴﻮﺑﺔ ﻷﺋﻤﺘﻬﻢ، ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ؛ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻇﻬﺮﺕ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺍﻟﺒﺪﻉ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮﺓ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ، ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻼﺕ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ . ﻭﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻘﺼﺪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ ﺗﻘﺼِّﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﺪﻉ، ﻓﺈﻥَّ ﻫﺬﺍ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻋِﺪَّﺓ ﻛﺘﺐٍ، ﻭﻟﻜﻦ ﻧﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻓﻘﻂ؛ ﺣﺘﻰ ﻧﻔﻬﻢ ﺗﺒﻌﺎﺗﻬﺎ، ﻭﺇﻻّ ﻓﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﺳﻴﻄﻮﻝ ﺇﺫﺍ ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ ﺑﺪﻉ ﺍﻟﺘﻘﻴَّﺔ ﻭﺍﻟﺮَّﺟْﻌﺔ، ﻭﺑﺪﻉ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺘﺤﺮﻳﻒ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﺑﺪﻉ ﺳﻮﺀ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻣﺴﺎﺟﺪ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔﻭﺑﺪﻉ ﺍﻷﺿﺮﺣﺔ ﻭﻣﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﻋﻨﺪﻫﺎ، ﻭﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﺪ، ﻭﺍﻟﺒﺪﻉ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﺫﻛﺮﻯ ﻳﻮﻡ ﺍﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ، ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﺒﺪﻉ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺭﻛﻨًﺎ ﺃﺻﻴﻼً ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﻻﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮﻳﺔ .
ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ ﺣﺘﻰ ﺍﻵﻥ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺇﻻ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻓﻜﺮ ﻓﺮﻗﺔ ﺍﻻﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮﻳﺔ، ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ، ﺧﺎﺻَّﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺑﻔﺘﺮﺓ " ﺣﻴﺮﺓ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ " ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺑﺪﺃﺕ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ( ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻋﺸﺮ ﻋﻨﺪﻫﻢ ) .
ﻭﺑﺪﺍﻳﺔً ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﻗﻴﺖ ﺑﺪﺃﺕ ﺗﻈﻬﺮ ﺍﻟﻤﺆﻟﻔﺎﺕ ﻭﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺳِّﺦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﻭﺍﻷﻓﻜﺎﺭ، ﻭﺍﻧﺘﺸﺮﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﺑﺸﺪَّﺓ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻓﺎﺭﺱ ﺧﺎﺻﺔ، ﻭﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎﻡ، ﻭﻟﻜﻦْ ﺩﻭﻥ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺩﻭﻟﺔ ﺗﺘﺒﻨَّﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺑﺸﻜﻞٍ ﺭﺳﻤﻲ . ﻭﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪ ﻧﻬﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﻭﺑﺪﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ، ﺣﺪﺛﺖْ ﺗﻄﻮﺭﺍﺕ ﺧﻄﻴﺮﺓ ﺃﺩَّﺕْ ﺇﻟﻰ ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ، ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻬﺬﺍ ﺗﺪﺍﻋﻴﺎﺕ ﺭﻫﻴﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺳﻨﺘﻨﺎﻭﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻭﻧﻌﻴﺪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻓﺮﻉ ﻋﻦ ﺗﺼﻮﺭﻩ، ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻟﻜﻲ ﻧﺄﺧﺬ ﻗﺮﺍﺭًﺍ ﻓﻲ ﺃﻣﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ، ﺃﻭ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻻ ﺑُﺪَّ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻭﻻً، ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﻓَّﺮ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻝ : ﻫﺬﺍ ﻳﺠﻮﺯ، ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ، ﺃﻭ ﺍﻷَﻭْﻟﻰ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ . ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺑﺎﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﺩﻭﻥ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻓﻬﺬﺍ ﻳُﻮﺭِﺩ ﺍﻟﻤﻬﺎﻟﻚ ..
ﻭﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳُﻌِﺰَّ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ .
ﺍﻟﻤﺮﺍﺟﻊ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ :
- ﻣﻮﻗﻊ ﻗﺼﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ
[ 1 ] ﺍﻟﺨﻮﻣﻴﻨﻲ : ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺹ .52