ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ - ﻗﺎﻝ : ﺃﺗﻴﺖ
ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻓﻲ ﺩﻳﻦ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻲ، ﻓﺪﻗﻘﺖ ﺍﻟﺒﺎﺏ، ﻓﻘﺎﻝ : « ﻣﻦ ﺫﺍ؟ » ﻓﻘﻠﺖ : ﺃﻧﺎ، ﻓﻘﺎﻝ : « ﺃﻧﺎ؛ ﺃﻧﺎ » ﻛﺄﻧﻪ ﻛﺮﻫﻬﺎ ( ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ ) .
ﺿﻤﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺣﻖ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻓﻲ ﻣﻠﻚ ﺭﻗﺒﺔ ﺑﻴﺘﻪ، ﻭﺃﻥ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ ﺁﻣﻨﺎ ﻣﻄﻤﺌﻨﺎ، ﻣﺤﻔﻮﻇﺎ ﻣﻦ ﺗﻄﻔﻞ ﺍﻟﻤﺘﻄﻔﻠﻴﻦ، ﻭﻓﻀﻮﻝ ﺍﻟﻔﻀﻮﻟﻴﻴﻦ، ﻭﻋﺪﻭﺍﻥ ﺍﻟﺼﺎﺋﻠﻴﻦ، ﺣﻴﺚ ﻳﻠﻘﻲ ﺃﻋﺒﺎﺀ ﺍﻟﺤﺬﺭ، ﻭﻳﺘﺤﺮﺭ ﻣﻦ ﻗﻴﻮﺩ ﺍﻟﺘﻜﻠﻒ، ﻭﺣﺠﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺃﻥ ﻳﻄﻠﻌﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﺃﻭ ﻳﻠﺠﻮﻩ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺇﺫﻥ ﺻﺎﺣﺒﻪ .. ﺇﻥ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻛﺎﻟﺤﺮﻡ ﺍﻵﻣﻦ ﻷﻫﻠﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﺒﻴﺤﻪ ﺃﺣﺪ ﺇﻻ ﺑﻌﻠﻢ ﺃﻫﻠﻪ ﻭﺇﺫﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺤﺒﻮﻥ ﺃﻥ ﻳﻠﻘﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻻ ﻳﺤﻞ ﻷﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﺘﻄﻔﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﻸﻓﺮﺍﺩ ﺑﺎﻻﺳﺘﻨﺎﻁ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺠﺴﺲ ﺃﻭ ﺍﻗﺘﺤﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﺭ، ﻭﻟﻮ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺐ ﺃﻭ ﺑﻌﻴﺪ ﺑﻤﻨﻈﺎﺭ ﺃﻭ ﺑﺪﻭﻧﻪ ( 1 ) .
ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁَﻣَﻨُﻮﺍ ﻟَﺎ ﺗَﺪْﺧُﻠُﻮﺍ ﺑُﻴُﻮﺗﺎً ﻏَﻴْﺮَ ﺑُﻴُﻮﺗِﻜُﻢْ ﺣَﺘَّﻰ ﺗَﺴْﺘَﺄْﻧِﺴُﻮﺍ ﻭَﺗُﺴَﻠِّﻤُﻮﺍ ﻋَﻠَﻰ ﺃَﻫْﻠِﻬَﺎ ﺫَﻟِﻜُﻢْ ﺧَﻴْﺮٌ ﻟَﻜُﻢْ ﻟَﻌَﻠَّﻜُﻢْ ﺗَﺬَﻛَّﺮُﻭﻥَ { [ ﺍﻟﻨﻮﺭ 27: ] ﻭﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻻﺳﺘﺌﺬﺍﻥ ﺑﺎﻻﺳﺘﺌﻨﺎﺱ ﻭﻫﻮ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻳﻮﺣﻲ ﺑﻠﻄﻒ ﺍﻻﺳﺘﺌﺬﺍﻥ، ﻭﻟﻄﻒ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺊ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻄﺎﺭﻕ، ﻓﺘﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺱ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺃﻧﺴﺎ ﺑﻪ ﻭﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻪ، ﻭﻫﻲ ﻟﻔﺘﺔ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻟﻄﻴﻔﺔ ﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻭﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻇﺮﻭﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ ﻭﻣﺎ ﻳﻼﺑﺴﻬﺎ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺭﺍﺕ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺸﻘﻰ ﺑﻬﺎ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻭﻳﺤﺮﺟﻮﺍ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻄﺎﺭﻗﻴﻦ ﻓﻲ ﻟﻴﻞ ﺃﻭ ﻧﻬﺎﺭ ( 2 ) .
ﻭﺍﻻﺳﺘﺌﺬﺍﻥ ﻭﺍﺟﺐ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻔﺮﺍﺋﺾ، ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻷﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﺑﻴﺘﺎ ﻟﻐﻴﺮﻩ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﺄﺫﻥ ﺃﻫﻠﻪ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﺄﺫﻥ ﻗﺮﻳﺒﺎ ﻟﻠﻤﺴﺘﺄﺫﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻭ ﺃﺟﻨﺒﻴﺎ ﻋﻨﻪ، ﻭﻫﻮ ﻣﺠﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺑﻪ ﻓﻤﻦ ﺗﺮﻙ ﺍﻻﺳﺘﺌﺬﺍﻥ ﻓﻬﻮ ﻋﺎﺹ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﻟﺮﺳﻮﻟﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻭﻣﻦ ﺟﺤﺪﻩ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻜﻔﺮ ﻷﻧﻪ ﻭﺭﺩ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ( 3 ) .
ﻭﺍﻷﺻﻞ ﻓﻲ ﺍﻻﺳﺘﺌﺬﺍﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ ﻭﺻﻴﻐﺘﻪ ﺍﻟﻤﺜﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺴﺘﺄﺫﻥ « ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ، ﺃﺃﺩﺧﻞ؟ » ﻓﻴﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺍﻻﺳﺘﺌﺬﺍﻥ .
ﻓﻌﻦ ﺭﺑﻌﻲ ﺑﻦ ﺣﺮﺍﺵ ﻗﺎﻝ : ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﻋﺎﻣﺮ ﻗﺎﻝ : ﺇﻧﻪ ﺍﺳﺘﺄﺫﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﻓﻘﺎﻝ ﺃﻟﺞ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻟﺨﺎﺩﻣﻪ : « ﺍﺧﺮﺝ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﻓﻌﻠﻤﻪ ﺍﻻﺳﺘﺌﺬﺍﻥ، ﻓﻘﻞ ﻟﻪ : ﻗﻞ : ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺃﺃﺩﺧﻞ؟ » ﻓﺴﻤﻊ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻓﻘﺎﻝ : ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺃﺃﺩﺧﻞ؟ ﻓﺄﺫﻥ ﻟﻪ ﻓﺪﺧﻞ( 4 ) .
ﻭﺭﻭﻯ ﻣﻄﺮﻑ ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺃﻥ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﺃﺳﻠﻢ ﺍﺳﺘﺄﺫﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻓﻘﺎﻝ : ( ﺃﺃﻟﺞ؟ ) ﻓﺄﺫﻥ ﻟﻪ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ، ﻗﺎﻝ ﺯﻳﺪ : ﻓﻠﻤﺎ ﻗﻀﻴﺖ ﺣﺎﺟﺘﻲ ﺃﻗﺒﻞ ﻋﻠﻲ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻓﻘﺎﻝ : ﻣﺎﻟﻚ ﻭﺍﺳﺘﺌﺬﺍﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ؟ ﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﺄﺫﻧﺖ ﻓﻘﻞ : ( ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ) ﻓﺈﺫﺍ ﺭﺩ ﻋﻠﻴﻚ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻘﻞ : ( ﺃﺃﺩﺧﻞ ) ﻓﺈﻥ ﺃﺫﻥ ﻟﻚ ﻓﺎﺩﺧﻞ ( 5 )
ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻﺳﺘﺌﺬﺍﻥ ﺛﻼﺙ ﻣﺮﺍﺕ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺴﺘﺄﺫﻥ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮﺓ « ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺃﺃﺩﺧﻞ؟ » ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﺆﺫﻥ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓﻠﻴﺮﺟﻊ ﻭﻻ ﻳﺰﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻼﺙ، ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻓﻴﻪ ﻟﺜﺒﻮﺗﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ -ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺛﺒﻮﺗﺎ ﻻ ﻣﻄﻌﻦ ﻓﻴﻪ .
ﻓﻌﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺨﺪﺭﻯ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﻗﺎﻝ : ﻛﻨﺖ ﺟﺎﻟﺴﺎ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ . ﻓﺄﺗﺎﻧﺎ ﺃﺑﻮ ﻣﻮﺳﻰ ﻓﺰﻋﺎ ﺃﻭ ﻣﺬﻋﻮﺭﺍ . ﻗﻠﻨﺎ : ﻣﺎ ﺷﺄﻧﻚ؟ ﻗﺎﻝ : ﺇﻥ ﻋﻤﺮ ﺃﺭﺳﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺁﺗﻴﻪ . ﻓﺄﺗﻴﺖ ﺑﺎﺑﻪ ﻓﺴﻠﻤﺖ ﺛﻼﺛﺎ ﻓﻠﻢ ﻳﺮﺩ ﻋﻠﻰ . ﻓﺮﺟﻌﺖ ﻓﻘﺎﻝ : ﻣﺎ ﻣﻨﻌﻚ ﺃﻥ ﺗﺄﺗﻴﻨﺎ؟ ﻓﻘﻠﺖ : ﺇﻧﻰ ﺃﺗﻴﺖ . ﻓﺴﻠﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺑﻚ ﺛﻼﺛﺎ . ﻓﻠﻢ ﻳﺮﺩﻭﺍ ﻋﻠﻰ . ﻓﺮﺟﻌﺖ . ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ :- « ﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﺄﺫﻥ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﺛﻼﺛﺎ ﻓﻠﻢ ﻳﺆﺫﻥ ﻟﻪ، ﻓﻠﻴﺮﺟﻊ » ؛ ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻤﺮ : ﺃﻗﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺒﻴﻨﺔ . ﻭﺇﻻ ﺃﻭﺟﻌﺘﻚ . ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺑﻰ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ : ﻻ ﻳﻘﻮﻡ ﻣﻌﻪ ﺇﻻ ﺃﺻﻐﺮ ﺍﻟﻘﻮﻡ . ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ : ﻗﻠﺖ : ﺃﻧﺎ ﺃﺻﻐﺮ ﺍﻟﻘﻮﻡ . ﻗﺎﻝ : ﻓﺎﺫﻫﺐ ﺑﻪ ( 6 )
ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺄﺫﻥ ﺇﺫﺍ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ : ( ﻣﻦ ﺃﻧﺖ؟ ) ﻓﻼ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ : ( ﺃﻧﺎ ) ﺑﻞ ﻳﻔﺼﺢ ﺑﺎﺳﻤﻪ ﻭﻛﻨﻴﺘﻪ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺸﻬﻮﺭﺍ ﺑﻬﺎ، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ، ﻓﺎﻟﺮﺳﻮﻝ -ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻛﺮﻩ ﺭﺩ ﺟﺎﺑﺮ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﺑـ ( ﺃﻧﺎ ) ﻷﻧﻪ ﺃﺟﺎﺏ ﺑﻐﻴﺮ ﻣﺎ ﻳﻔﻴﺪ ﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﺳﺄﻝ ﻋﻨﻪ، ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺑﻴﺎﻥ ﺷﺎﻑ ﻭﻻ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﺗﺬﻛﺮ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ : ﻭﻻ ﺑﺄﺱ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺃﻧﺎ ﺃﺑﻮ ﻓﻼﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻼﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻓﻼﻥ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻻﺳﻢ ﻟﺨﻔﺎﺋﻪ ( 7 )
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻜﻞ ﻣﺆﻣﻦ ﻣﻨﻘﺎﺩ ﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺃﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﻥ
ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﺴﻤﺤﺔ ﻗﺪ ﺃﻋﻄﺖ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺭﺏ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺄﺫﻥ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻻ ﻟﺒﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻻ ﺗﻌﺮﻳﺾ ﻭﻻ ﺍﻟﺘﻮﺍﺀ، ﺣﺘﻰ ﻳﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ : ﻫﻞ ﻳﺄﺫﻥ ﻟﻪ ﺑﺪﺧﻮﻝ ﺑﻴﺘﻪ ﺃﻡ ﻻ؟ ﻷﻧﻪ ﺭﺑﻤﺎ ﺗﺴﻤﺢ ﻇﺮﻭﻓﻪ ﺑﺎﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺷﺨﺺ ﺩﻭﻥ ﺁﺧﺮ، ﺗﺒﻌﺎ ﻻﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﻋﺪﺓ، ﻓﺘﺤﻘﻴﻘﺎ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺠﻴﺐ ﻣﻦ ﻗﻴﻞ ﻟﻪ ( ﻣﻦ؟ ) ﺑﺠﻮﺍﺏ ﻣﻄﺎﺑﻖ ﻟﻠﺴﺆﺍﻝ ﺑﺄﻥ ﻳﻘﻮﻝ ( ﻓﻼﻥ ) ﻻ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻣﻦ ﻏﺎﺑﺖ ﻋﻨﻬﻢ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ، ﺑﻞ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ، ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺟﻮﺍﺏ ( ﻣﻦ؟ ) ( ﻫﻞ ﻓﻼﻥ ﻣﻮﺟﻮﺩ؟ ) ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻻ ﻳﺠﺎﺏ ﺑﺴﺆﺍﻝ ( 8 )
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻄﺮﻳﻔﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﺑﻴﺦ ﻣﻦ ﻳﺠﻴﺐ ﺑـ ( ﺃﻧﺎ ) ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻣﻊ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﺃﺑﻮ ﻧﻌﻴﻢ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺑﻦ ﺩُﻛﻴﻦ ﻭﻛﺎﻥ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺫﺍ ﺩﻋﺎﺑﺔ ﺣﻴﺚ ﺩﻕ ﺭﺟﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺒﺎﺏ، ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻧﻌﻴﻢ : ( ﻣﻦ ﺫﺍ؟ ) ، ﻗﺎﻝ : ( ﺃﻧﺎ ) ، ﻗﺎﻝ : ( ﻣﻦ ﺃﻧﺎ؟ ) ، ﻗﺎﻝ : ( ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﻭﻟﺪ ﺁﺩﻡ ) ، ﻓﺨﺮﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﺑﻮ ﻧﻌﻴﻢ ﻭﻗﺒﻠﻪ ﻭﻗﺎﻝ : ( ﻣﺮﺣﺒﺎ ﻭﺃﻫﻼ، ﻣﺎ ﻇﻨﻨﺖ ﺃﻧﻪ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺴﻞ ﺃﺣﺪ ) ( 9 )
ﻭﻣﻦ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻻﺳﺘﺌﺬﺍﻥ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻘﻒ ﺍﻟﻤﺴﺘﺄﺫﻥ ﻗﺒﺎﻟﺔ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ ﺇﻳﺎﻩ، ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻘﻒ ﺑﺠﻨﺐ ﻭﻳﻨﺤﺮﻑ ﺟﺎﻋﻼ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻋﻦ ﻳﻤﻴﻨﻪ ﺃﻭ ﻳﺴﺎﺭﻩ، ﻭﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺃﻥ ﻳﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺔ ﻻ ﻳﻄﻠﻊ ﻣﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻓﻲ ﺇﻗﺒﺎﻟﻪ ﻭﺇﺩﺑﺎﺭﻩ، ﻓﻌﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺑﺴﺮ ﻗﺎﻝ : ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ -ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺇﺫﺍ ﺃﺗﻰ ﺑﺎﺏ ﻗﻮﻡ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎﺀ ﻭﺟﻬﻪ، ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺭﻛﻨﻪ ﺍﻷﻳﻤﻦ ﺃﻭ ﺍﻷﻳﺴﺮ، ﻭﻳﻘﻮﻝ : ( ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ) ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﺳﺘﻮﺭ ( 10 )
ﻭﺃﺧﻴﺮﺍ ﻗﺪ ﻳﺄﺗﻲ ﺍﻋﺘﺬﺍﺭ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻋﻦ ﺍﻹﺫﻥ ﺑﺪﺧﻮﻟﻪ ﺿﻤﻨﻴﺎ ﺃﻭ ﺻﺮﻳﺤﺎ، ﻭﻗﺪ ﺩﻝ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﻓَﺈِﻥ ﻟَّﻢْ ﺗَﺠِﺪُﻭﺍ ﻓِﻴﻬَﺎ ﺃَﺣَﺪًﺍ { [ ﺍﻟﻨﻮﺭ 28: ] ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ ﺍﻟﻀﻤﻨﻲ، ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺸﺄ ﺃﻥ ﻳﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﺄﺫﻥ، ﻓﻴﺼﺪﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﺄﺫﻥ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺣﺪ، ﻷﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻧﻔﻰ ﺍﻟﻮﺟﺪﺍﻥ ﻭﻟﻢ ﻳﻨﻒ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﻟﻮ ﻗﺎﻝ : ( ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺣﺪ ) ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﺰﻉ ﺍﻟﻠﻄﻴﻒ ﻭﺍﻟﺴﺮ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ، ﻭﺩﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﻭَﺇِﻥ ﻗِﻴﻞَ ﻟَﻜُﻢُ ﺍﺭْﺟِﻌُﻮﺍ ﻓَﺎﺭْﺟِﻌُﻮﺍ ﻫُﻮَ ﺃَﺯْﻛَﻰٰ ﻟَﻜُﻢْ { [ ﺍﻟﻨﻮﺭ 28: ] , ﻓﺈﺫﺍ ﺍﺳﺘﺄﺫﻥ ﺷﺨﺺ ﻭﺃﺟﻴﺐ ﺑﻘﻮﻝ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺪﺍﺭ ( ﺍﺭﺟﻌﻮﺍ ) ﻓﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻻﻧﺼﺮﺍﻑ ﻓﻮﺭﺍ ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﻳﻘﻴﻦ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺃﻓﻀﻞ ﻟﻪ، ﻷﻥ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻧﻪ ﺃﺯﻛﻰ ﻟﻨﺎ ﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﻟﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﺧﻴﺮﺍ ﻭﺃﺟﺮﺍ .
______________
( 1 ) ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻀﺎﺋﻊ ــ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ / ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﺑﺎﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ
( 2 ) ﻓﻲ ﻇﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ 2508
( 3 ) ﺍﻧﻈﺮ ﻛﻔﺎﻳﺔ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻲ ﻭﺣﺎﺷﻴﺔ ﺍﻟﻌﺪﻭﻱ 2/439 440-
( 4 ) ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻤﻔﺮﺩ ﺹ 418 – 419 ﻭﺃﻳﻀﺎ ﺻﺤﺤﻪ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﺍﻧﻈﺮ ﺣﺪﻳﺚ ﺭﻗﻢ : 4397 ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ 5168 ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻨﻮﻡ ــ ﺑﺎﺏ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻻﺳﺘﺌﺬﺍﻥ، ﻭﺭﻭﺍﻩ ﺃﺣﻤﺪ 5/369 ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﺢ 11/3 ﺳﻨﺪﻩ ﺟﻴﺪ ﻭﻗﺎﻝ ﺻﺤﺤﻪ ﺍﻟﺪﺍﺭﻗﻄﻨﻲ .
( 5 ) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ ﻓﻲ ﻣﺼﻨﻔﻪ ( 10/383 ) ﻭﺍﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﻨﻔﻪ 8/608
( 6 ) ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ــ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺭﻗﻢ 5435
( 7 ) ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﻟﻤﺴﻠﻢ 14/135 136-
( 8 ) ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻀﺎﺋﻊ ــ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ / ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﺑﺎﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﺹ 62
( 9 ) ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ــ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ 10/154
( 10 ) ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻤﻔﺮﺩ ﺭﻗﻢ 1082 ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ 5186 ﻭﺻﺤﺤﻪ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻤﻔﺮﺩ ﺹ 417 ﺭﻗﻢ